افتتاح

السلام عليكم ورحمة الله

على الرغم من كون المدوّنات أقدم وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت وأقلها شيوعا بين الناس، إلا أنها الأحبّ لقلبي، أشعر أن المدونة كالبيت تماما، أكتب فيها المقالات وأرتبها وأصنفها، أستقبل تعليقات الزوار، أجد لحروفي ملاذا آمنا ورحبًا بعيدا عن الزحام، جربت أكثر من منصة تدوين، وفي كل منها مميزات وعيوب، ولعل ووردبرس الآن تكون مقرًّا لي بعد أصبح استخدامها أسهل.

ألِفت الكتابة منذ عمر مبكر، وعلاقتي بها لاتشبه علاقتي بأي شيء آخر، لا أعلم كيف ستكون حياتي لو أزلت منها ( الكتابة )، لطالما كان قلمي صديقي الوفي، ولساني المعبّر، وأثَري الباقي، أنا لا أكتب ليفهم الناس ما أريد قوله فحسب، أنا أكتب لأفهم نفسي أولا، لأرتب أفكاري، وليخرج الضجيج داخل رأسي إلى العالم فأهدأ، ويتسع المكان لضجيج آخر ولأفكار أخرى، الكتابة سجل يوثق ماكنا نفكر فيه ونعتقده في يوم من الأيام، حين أعود لكتاباتي السابقة قبل عدة سنوات أفهم أفكاري حينها، يصبح مادوّنته بمثابة الصورة الفوتوغرافية التي يلتقطها أحدهم للذكرى، وتزداد قيمتها المعنوية في نفسه مع السنوات، إنه يرى فيها نفسه في الماضي بجلاء شديد غير متكيء على ذاكرة قد تخونه وتشوه الصورة الحقيقية، أنا حين أكتب أفهم نفسي الآن، وأجعل لأفكاري صدى عند الآخرين، وتكون كتابتي بمثابة صورة أضمها لألبوم حياتي، كيف سيحدث هذا كله لو لم أكتب وأدون؟

إن من الإحسان العظيم لأي إنسان أن تعلمه هاتين المهارتين: ( القراءة والكتابة) تعلّمه أن يقرأ ويفك شِفرات العالم من حوله، ثم يكتب ليُصدر شفرته الخاصة، أنت تُحسِن له لأنك تجعل له فكرًا يفهم به العالم من خلال القراءة، وتجعل له منبرا يساهم من خلاله في إعادة تشكيل الواقع عبر الكتابة، القراءة والكتابة أمران معنويان، إن من يكتب لايصنع سيارة ولايبني ناطحة سحاب، ولكنه يُشكّل العقول ويغيّر في الأنفس، وهذا الجانب الثقافي أشد أثرا في الأمم والحضارات من الجانب الحضاري المادي، تستطيع أي أمة العيش بصورة بدائية مادامت تملك فكرا وعقيدة، ولكنها تنهار من الداخل إن كانت متطورة في البنيان وضعيفة في الجانب المعنوي.

سأنقل لهذه المدونة مقالاتي القديمة، وسأشير لتاريخ نشرها الأصلي أسفل كل مقال، ثم سأشرع في إضافة المقالات الجديدة وتصنيفها لفئات: تربوي، فكري، تأملات منوعة، ترجمة، كتب،  آمل حقا أن يجد القارئ في هذه المدوّنة ما ينفعه ويرتقي لذوقه، كما أرحّب أشد الترحيب بالتعليقات والملاحظات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليلى العصيلي