السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في اليوم الثاني من شهر أبريل رأيت وسما في تويتر بعنوان #تحدي_الكتابة، وهو تحدّ تخوضه مع نفسك لمعرفة مدى قدرتك على الالتزام بالكتابة اليومية لثلاثين يوما متتالية، فأعجبتني الفكرة لأن في ذهني عدة موضوعات أود الكتابة عنها لكنني أسوّف وأؤجّل، فرأيت الأمر فرصة لاعتياد الكتابة بوتيرة أسرع، وقد فصّلت الأمر في المقال الأول بعنوان استعن بالله ولاتعجز (هنا).
يقتضي التحدي أن تكتب ثلاثين موضوعا، في كل يوم موضوع، لايهم إن كان طويلا أو قصيرا، المهم هو الالتزام، وها أنا اليوم وصلت لليوم الثلاثين، ولكنني لم أكتب إلا ثلاثة عشر موضوعا، يعني نصف المطوب تقريبا، فهل معنى هذا أنني فشلت؟ لا أظن، فقد كتبت ثلاثة عشر مقالا بواقع مقال كل يومين ونصف، في حين أنني كنت أمكث شهرا ونصف أو شهرين ولم أكتب شيئا، وهذا بحدّ ذاته إنجاز عظيم ولله الحمد، فماذا تعلمت من هذه التجربة؟ أو ما الذي كنت أعرفه سابقا وأثبتته لي هذه التجربة؟
-
ارفع سقف طموحك:
حين ترفع سقف أهدافك، ترتفع إنجازاتك تلقائيا حتى لو لم تحقق الهدف بالضبط، لكنك ترتفع عن أدائك السابق، وضعت في ذهني ثلاثين مقالا، ولكنني انشغلت أياما، وتكاسلت أياما أخرى، فحققت نصف الهدف، ولو قلت إنني سأكتب كل شهر لما كتبت إلا كل شهرين، وهكذا، وهذا مايسميه علماؤنا الأوائل (علوّ الهمّة) فمن علت همّته زاد استعداده وتحمله وإنجازه، حتى لو يبلغ ما يريد بالضبط، ومن درس علم التخطيط عرف إن إنجاز الهدف بنسبة 100% أمر شبه مستحيل، ولكن القوة في مقاربته قدر الإمكان.
-
استمر، حتى لو تعثّرت:
في الأيام الأولى من التحدي، التزمت فعلا بالكتابة اليومية، لكن بعد بضعة أيام، انشغلت قليلا، فمرّ يوم كامل والذي يليه دون تدوين، لكنني عدت مباشرة ولم أعبأ بأنني فوّت يومين، مما ساعدني على الاستمرار، لم أقل إن الأمر انتهى لأنني خرقت شرطا أساسيا، عدت ببساطة شديدة وكأن شيئا لم يكن، وهذا أحد أهم شروط الاستمرار في إنجاز الأهداف، كثير منا يبدأ حمية غذائية مثلا، ولنقل إنها تقتضي ألا يتناول أي وجبة مفتوحة خلال الثلاثة أسابيع الأولى، لكن يحدث ظرف طارئ يفسد الأمر ليوم فيأكل وجبة مفتوحة ويخرق النظام، بعضنا يشعر بأن الأمر كله انتهى، فيترك الحمية ويعود لسابق عهده، وهذا يفشل في الالتزام، التصرف الصحيح هو أن تعود بسرعة فحسب ولاتتطلب الكمال، فالرجوع عن الخطأ خير من التمادي فيه، والاستمرار في المضي نحو الهدف -ولو بتعثّر- أفضل من التوقف، وقد تحدث الأخ علي محمد علي عن هذا الأمر تحديدا في هذه الحلقة بعنوان: أكمل مابدأت! (هنا).
-
لابد من التعلم بالعمل:
ذكرتُ في المقال الذي بدأت به التحدي، أن الإنجاز يُكسبك الخبرة عن طريق التعلم بالعمل؛ لأن الممارسة المكثفة هي التي تقود للإتقان، حيث تكتشف المشكلات والأخطاء أثناء العمل وتعمل على إصلاحها، ومن الأمور التي لاحظتها أثناء هذا التحدي هي أنني أواجه انفلات قلمي أحيانا للاستطراد بعيدا عن فكرة المقال الأساسية، فأحاول كبح جماحه والعودة به، ولم أكن أشعر بهذه المشكلة سابقا لأنني كنت أكتب على فترات متباعدة.
في نهاية هذا التحدي، أشكر الرائعة أراك الشوشان، ومدوّنتها عليّة (هنا) حيث عرفت التحدي عن طريقها وإن لم تعلم هي بذلك، وأشكر زوار المدوّنة، ومن قرأ المقالات أو نشرها أو علّق عليها أو من أبدى مقترحا أو رأيا، وقد سعدت بهذه التجربة، فالكتابة تبهج النفس رغم الجهد الذي يُبذَل فيها، و سأعود من الغد للوضع الطبيعي بإذن الله بعد جرعة التدريب المكثفة على الالتزام، والتي كنت أحتاجها حتى مع حبي للكتابة، وفي ذهني أن أكتب أسبوعيا كل أربعاء بإذن الله، وأسأل الله أن يكون ما أكتبه نافعا وممتعا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته