مرت سنة وثمانية أشهر تقريبا منذ أن كتبت آخر تدوينة هنا، واليوم أعود مع تحدي التدوين العربي بكتابة عشر مقالات في عشرة أيام متتابعة عن فكرة تمر في يومك فتلتقطها لتتأملها، حسنا، الفكرة التي مرت بي اليوم هي فكرة العلاقة بين العطاء والاتكالية، بمعنى هل الشخص المعطاء ينمّي الاتكالية لدى الآخرين؟
مع قناعتي الشديدة بأهمية العطاء ونشر ثقافته في المجتمع، وحث الدين عليه، إلا أنني أحيانا أرى أنواعا من العطاء في غير محلها، أو لنقل ضررها على المعطي والآخذ أكبر من نفعها، وتظهر عند العطاء الذي يقوم به الإنسان بدور الشخص الآخر دون حاجة، ويستمر على ذلك حتى يعتاد الآخِذ الأمر ولا يفكر كيف يقوم بالأمر بنفسه، مما يعيق نموه ويربي فيه حس الاتكالية والاعتماد على المعطي.
لعل المثال يوضح المقال: الأم التي تعتاد الطبخ لأسرتها دوما والقيام بكل أعباء المنزل لوحدها قد تبدو معطاءة، لكن هذا النوع من العطاء يحرم بناتها من تعلم مهارات كثيرة في عمل المنزل، ومن فرص البر وتحمل المسؤولية، وكذلك الأب الذي يكبر أبناؤه وهو لم يفوّض بعض مهامه لهم، ثم يكبرون ولم يتحملوا مسؤوليات الرجال.
من أمثلة العطاء الذي يربي الشعور بالاتكالية أن يرسل لك شخص طالبا خدمة يستطيع القيام بها بنفسه بسهولة بالغة فتقوم بها بدلا عنه، من العطاء الجيد عندي أن أدل شخصا على محل، لكنني لن أبحث له عن موقع المحل وهو يستطيع الحصول عليه بمجرد كتابة اسمه في google.
الأمر نفسه يصدق على المعلم الذي يلخص لطلابه المقرر، فهو يذاكره نيابة عنهم، ويفهمه ويلخصه، مع أن هذه عمليات عقلية عظيمة تمثل لب دور الطالب، فالتلخيص أحد أهم طرق التعلم، والمطلوب منه هو مساعدتهم على التعلم، وليس التعلم نيابة عنهم، وقد يوصف هذا المعلم بالمعطاء لأنه يبذل جهدا ويريح طلابه، لكن أثر التعلم لن يبقى طويلا في أذهانهم.
المثل الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو “لا تعطني سمكة، علمني كيف أصطاد”، والذي أقترحه تزامنا مع العالم المعرفي اليوم هو: “دعني أتذوق السمكة وأحبها، وسأتعلم أنا كيف أصطاد”، قد يكون إيقاد الرغبة بتحمل المسؤولية نوعا من العطاء غفلنا عنه كثيرا.
تدوينة جميلة
أتذكر ايام الجامعة كنت أكره أولئك الاتكاليين الذين يطلبون منا أن نقوم لهم بالمهام وهم يستطيعون ذلك، في البداية كنت أرد عليهم، ثم أخيرا أصبحت أقول لهم Google it وحل عني 🤣🤣
إعجابإعجاب
ما أكثرهم يا ولاء 😄
إعجابLiked by 1 person