عولمة الجمال

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حب الجمال والتجمل أمر فطري عند كل البشر، ويكتسب أهمية عند المرأة خاصة، كل أنثى تحب أن تكون في أبهى صورة، راقب بنتا صغيرة حين تتأمل جمالها الرباني، وتتثنّى بفستانها أمام المرآة جذلى، حين تعبث بأدوات زينة الكبيرات، حين تنتشي فرحا بأظافرها المطلية وتحاذر لمسها قبل أن تجف، حين تستجيب أمها لضغوطها المتكررة  فتغمر شفاهها بلون ما، ثم تقتنص الصغيرة هذه الفرصة النادرة لتعيش كأميرة ولو لبضع لحظات!

الجمال أمر حيّر الفلاسفة في تعريفه ومحاولة إخضاعه للمنطق، وسلَب لُبَّ الشعراء حتى تفننوا في وصف محبوبة متخيّلة، أو حقيقية ألبسها الحب رداء جمال خلدته اللغة بعد فناء الجسد، فانبعث في صورة تتجدد مع خيال كل قارئ، هذا الجمال أسر الرسامين حتى حاولوا إبقاء شيء من أثره لمن بعدهم عبر لوحاتهم، فن البورتريه من عصر النهضة الأوروبية يحكي قصص الجميلات آنذاك.

هل يمكن تعريف الجمال؟ تميل نفسي إلى القول بأنه كل مايستحسنه الذوق، حسّا أو وجدانا، فقد يستحسن البصر وردة جميلة، ويستحسن الشم رائحة جميلة، وكذلك قد يستحسن الوجدان قصيدة جميلة أو معنى جميلا، والأذواق تتباين في اعتبار شيء ما جميلا أو سلب صفة الجمال منه، لكن الذوق يتأثر بالبيئة الخارجية وليس نابعا من داخل المرء فقط، فنحن اليوم نستقبح ما استحسناه بالأمس لاعتبارات قد تتعلق بتغير مانتلقاه من الخارج فيبدل أذواقنا.

أما العولمة، فهي جعل الشيء عالميا، ويورد قاموس المعاني (هنا) هذا التعريف لها:

“حرِّيَّة انتقال المعلومات وتدفُّق رءوس الأموال والسِّلع والتِّكنولوجيا والأفكار والمنتجات الإعلاميّة والثَّقافيّة والبشر أنفسهم بين جميع المجتمعات الإنسانيّة حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد أو قرية واحدة صغيرة ترفع الشركات العملاقة شعار العولمة لتستطيع التَّوغُّل داخل جميع الدُّول بلا قيد”

وهذه العولمة شيء نعيشه اليوم، فماكدونالدز مطعم عالمي، وستار بكس مقهى عالمي، وديور أو زارا ماركات عالمية، وتويتر تطبيق عالمي، وهكذا، يرتبط الإعلام والاقتصاد برباط وثيق بين جميع أنحاء العالم، وهذا بالضرورة ينقل معه الأفكار، فأفكار الناس في المجتمعات المختلفة تتجه للتشابه، فمن كان يصدق يوما أن تنتشر أفكار الإلحاد والشذوذ والنسوية بين عامة المسلمين؟  إن العولمة تخدم الثقافة الأقوى، وهي حاليا الثقافة الغربية وتحديدا الأمريكية.

تعني عولمة الجمال توحيد معنى الجمال ومعاييره لتتوافق مع الذوق الغربي المعاصر، فما استحسنه الغرب يستحسنه الجميع، وما استقبحه الغرب يستقبحه الجميع، وهذا أمر لايتم بالفرض والإكراه، بل بالإقناع عبر وسائل الإعلام والتسويق المختلفة، واستخدام أسلوب الصور والمؤثرات الحسية و التكرار حتى يقتنع المرء بفكرة ما، والأهم أنه يظن أنه اختارها بشكل عقلاني ونقدي، وأنها شيء يخصه ولم يُفرض عليه.

قبل زمن الانفتاح الإعلامي الذي سوَّد النموذج الغربي، كان لكل حضارة مقاييسها الخاصة بالجمال، فالعرب مثلا تغنّوا طويلا بالمرأة الممتلئة، ووصفوها بـ (خرساء الأساور) ! أي أن أساورها لاتصدر صوتا فهي لاتتحرك بسبب امتلاء الذراع 🙂 أما اليوم، فمع الانفتاح العولمي، أضحت معايير الجمال واحدة تقريبا، وسأستعرضها في السطور القادمة بحول الله، ولكن ينبغي استعراض تاريخ الجمال في الحضارة الغربية -ولو بصورة مختصرة- قبل مناقشة النموذج الغربي المعاصر للجمال، لأن فهم الماضي يعين على فهم الحاضر، ومن السذاجة النظر إلى اللحظة الحاضرة دون التمعّن في التحولات التي أوصلتها لما هي عليه.




تاريخ الجمال في الحضارة الغربية:

 الحضارة الغربية قديمة، ويمكن البدء من تاريخ اليونان والرومان، حيث يذكر جيل ليبوفستكي أن هاتين الحضارتين احتفتا بالجمال الذكوري أكثر من الأنثوي، وأن الجسد الرجالي الجميل كان رشيقا بارز العضلات، ولم يغب الاحتفاء بالجمال الأنثوي الذي ركزت التماثيل فيه على الجسد المتوسط البنية وتسريحات الشعر الرومانية، أما في العصور الوسطى فقد أصبحت النظرة لجمال المرأة مرتبطة بمكانة المرأة نفسها، فالدين المسيحي آنذاك يجعل المرأة بشكل عام رمزا للخطيئة، أما المرأة الجميلة خاصة فهي فخ الشيطان، فلم يكن يُنظَر لجمالها إلا بارتباطه بالخطيئة، وتذكر خبيرة التجميل Lisa Eldridge  في تأريخها لفن التزين والماكياج أن المرأة في العصور الوسطى كانت تجعل وجهها شاحبا دلالة على الطهر والتربية الفاضلة .

middle ages

النقطة الفاصلة دوما في قراءة الفكر الغربي هي عصر النهضة، و هو الذي تلا سقوط الأندلس مباشرة، أي في القرن الرابع عشر الميلادي، وبدأ من عاصمة النهضة الأوروبية: إيطاليا، فقد حاولت أوروبا استلهام الحضارة الغربية القديمة، والاستفادة من الحضارة الإسلامية، وتخلصت من كثير من موروث القرون الوسطى، فأصبح ينظر لجمال المرأة نظرة مغايرة، فهذا الجمال نعمة ربانية تتجلى فيها قدرة الله، ولم يكن الدين قد ابتعد تماما عن الحياة في أوروبا آنذاك، بل تم تحييده بطريقة أقرب للصوفية بحسب مايذكر جيل ليبوفستكي، فأصبح تأمل جمال المرأة نوعا من التواصل الروحي مع المقدس، وبرز تقدير الجمال الأنثوي من خلال ازدهار فن البورتريه آنذاك، والذي خلّد وجوه جميلات الطبقة الأرستقراطية، ولعل لوحة الموناليزا أبرز مثال على ذلك.

687px-Mona_Lisa,_by_Leonardo_da_Vinci,_from_C2RMF_retouched
الموناليزا، للإيطالي ليوناردو دافنتشي، 1503 م

كان الاحتفاء بالجمال، والتجمل، مقتصرا على الطبقة الأرستقراطية آنذاك، والمتمثلة بزوجات الملوك والنبلاء، كما حاولت نساء الطبقة الوسطى تقليد نساء الطبقة الراقية، وقد كان الاهتمام مقتصرا على الجزء الأعلى من الجسد، فجمال تقاسيم الوجه، وتورّد البشرة، ونظرة العينين، كان لها النصيب الأكبر من الاحتفاء، سواء من قبل الرسامين أو الأدباء أو المجتمع ككل، ويلحق بها جمال اليدين الناعمتين، أما الجزء السفلي من الجسد فلم يكن يُحتفى به؛ فهو مستتر تحت طيات الملابس المنتفخة، كما كان التجمل أيضا مقتصرا على الجزء الأعلى من الجسد، فقد ظهرت المساحيق البدائية لتبييض الوجه وتوريد الخدود، ولم تكن المساحيق تلقى قبولا اجتماعيا، باعتبارها نوعًا من الزيف والخداع، أما الملابس المنتفخة فقد كانت ضيقة جدا في منطقة الخصر، مما روّج تجارة المشدات التي تخفي الشحوم المترهلة وتظهر الخصر نحيلا، وظل هذا الحال مستقرا إلى نهايات القرن التاسع عشر، و قد توسع جورج فيغاريلو في سرد تاريخ الجمال منذ عصر النهضة  إلى نهايات القرن العشرين في كتاب (تاريخ الجمال)، وتبين الصورتان التاليتان ملابس النساء في بدايات عصر النهضة (الرسم الملون)، ونهايات القرن التاسع عشر (الصورة بالأبيض والأسود)، حيث بقيت ملابس النساء دون تغييير جذري على مدى أربعة قرون، ويمكن للقارئ استنتاج الميل لتخفيف انتفاخ الفستان مع السنوات، وتقصير الأكمام.




القرن العشرون: ثقافة الصورة ومجتمع الاستهلاك:

تشير خبيرة التجميل Lisa Eldrige في كتابها الذي أرّخت فيه لفن التجميل (Face Paint: The Story of Makeup ) في فصل (وسائل الإعلام وإثارة الدوافع) إلى أمر مهم هو أن انتشار ثقافة الصورة أحدث ثورة في عالم التجميل، ففي الماضي، لم تكن النساء تتصور من الجمال إلا ما تعاينه وجها لوجه، أو ما تراه من أيقونات في دور العبادة لم تمثل صورا حقيقية، أما مع انتشار الصور المطبوعة والمرئية، فقد حدثت نقلة نوعية في إثارة دوافع أي امرأة عادية لتصبح مثل النساء الحقيقيات المبهرات اللواتي تراهن في السينما والتلفزيون والمجلات.

إن ليزا هنا، تشير لأهم تحول جلبه القرن العشرون في عالم الجمال والتجميل، وهو جعله أمرا ديمقراطيا، أي مَشَاعًا بين كافة النساء بعد أن كان مقتصرا على الطبقة الأرستقراطية، فقد كانت نساء الطبقة العليا يتباهين بجمالهن وملابسهن وزينتهن دون أن تعلم بقية النساء شيئا عن هذا العالم المخملي القابع وراء أسوار القصور الشاهقة، أما بعد انتشار وسائل الإعلام، فقد أصبحت جميع النساء تطمح لأن تكون مثل نجمات السينما أو جميلات أغلفة المجلات.

ولعلي أوجز التغييرات التي حدثت في القرن العشرين في النقاط التالية:

  • موضة الملابس وتأثيرها على الأجساد:

ظلت الملابس منذ عصر النهضة تدور في فلك الفستان المتكلف، الضيق من الأعلى، والمنفوخ من الأسفل، وبهذا بقيت المرأة الغربية لقرون لا تهتم بقضية السمنة والنحافة، فالجزء الأعلى من الجسد مرتب بالمشد الذي يعتصره ليظهر الخصر نحيلا، أما الجزء الأسفل فقد كان مخفيا تحت طيات أمتار القماش المنتفخة، فلا داعي للاهتمام به، إلا أن تصميم الملابس بدأ يتغير منذ أواخر القرن التاسع عشر، فقد قلّ انتفاخ الملابس، مما أبرز الجزء الأسفل من الجسد، و تبين التصاميم في الصورة القادمة ذلك.

20

واتجهت الملابس مع صعود سنوات القرن العشرين، لتصبح أكثر ضيقا وعريا، وكشفا لأجزاء الجسد، مما جعل الاحتماء بالمشدات وسيلة غير كافية للظهور بمظهر مثالي، فبرزت ثقافة الحمية الغذائية والرياضة كأحد أهم التغييرات في ثقافة الجمال في القرن العشرين، وبدأت مجلات الجمال تقترح على النساء حميات غذائية، وراجت أشرطة التمارين الرياضية، مثل أشرطة جين فوندا في الثمانينات، وهي ممثلة أمريكية اشتهرت بترويجها لثقافة التمارين المنزلية.

  • صناعة السينما والتلفزيون والمجلات وترويج الموضة:

ظهرت صناعة السينما والتلفزيون، وبرزت نجمات مثل: جريتا جاربو، أودري هيبورن، صوفيا لورين، مارلين مونرو، مادونا، وغيرهن، ممن تحولن لأيقونات جمالية مثالية تسعى النساء لاحتذاء حذوها، فما إن ترتدي النجمة زيا، أو تتخذ تسريحة لشعرها، أو تستخدم شيئا من مستحضرات التجميل حتى يغدو موضة تجتاح العالم، وهذه الموضة تتجدد باستمرار من أجل ضمان الاستهلاك الدائم، وبعد أن كانت الموضة تستقر لقرون، أصبحت تتغير كل عقد، ثم يتقارب تغيرها أكثر فأكثر، فغدا مطلوبا من المرأة العادية التي تعتني بمظهرها أن تتابع مظهر النجمات، ومجلات الأزياء، وإعلانات التلفزيون، وتحرص على تحديث خزانتها وطريقة تزينها باستمرار، والصورة التالية تبين محتويات تلك المجلات في بدايات القرن العشرين.

تطور صناعة التجميل وإمكانيات التجمل الهائلة:

تطورت صناعة مستحضرات التجميل في القرن العشرين نتيجة تطور المصانع وارتفاع الإنتاج، بين ماركات باهظة كديور وشانيل وأخرى متوسطة كماكس فاكتور وريميل، لإرضاء كافة الأذواق والمستويات المادية، وساهمت مجلات الموضة والجمال، وإعلانات التلفزيون في إشاعة ثقافة المكياج والتجمل عند السيدات حول العالم، ثم قفزت صناعة التجميل قفزة هائلة بتطور جراحات التجميل بعد الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمت في إصلاح التشوهات الشديدة التي تعرضت لها وجوه الجنود في الحرب، ثم استثمرت لاحقا في تجميل الوجوه السليمة وتغيير خِلقتها، فراجت جراحات شد الوجه، وتقويم الأنف وغيرها، وكان الأمر في البداية يتطلب الخضوع لعملية جراحية حقيقية، يتدخل فيها مبضع الجراح، وتستمر النقاهة بعدها فترة طويلة، وبمخاطر عالية، فلم يكن يقدم عليها إلا القلة، لكن الأمر أصبح أسهل مع نهايات القرن العشرين.

  • الحرب ضد السمنة والشيخوخة:

يذكر جورج فيغاريلو أن من أهم الأمور التي رسختها ثقافة التجميل في القرن العشرين وكرست جهودها لها: محاربة السمنة والشيخوخة، واعتبارهما العدوين اللدودين للإنسان، وأن المقاييس المثالية للوزن تتجه لتقديس النحافة أكثر فأكثر.

ولعل القارئ يلاحظ اليوم في مجتمعاتنا أيضا عدم التسامح مع الكيلوات الزائدة، واعتبارها عبئا يجب على المرأة التخلص منه فعليا، ولذلك حتى لو لم تتخلص المرأة من الوزن الزائد، فإن ضميرها يؤنبها، وتلجأ للاعتذار عن جسدها السمين بقول إنها تعتزم الدخول في حمية، أو أنها تعاني من مرض يصعب إنزال الوزن، وإن لم تعتبر هي الأمر مشكلة، فإن المجتمع يتبرع بتذكيرها تلميحا أو تصريحا بوجوب التخلص من سمنتها، وبتغذية هذا الخوف تروج سوق الحميات الغذائية ومنتجات التخسيس وغيرها، وكذلك الأمر بالنسبة لتجاعيد الوجه ومظاهر التقدم في السن، فإعلانات الكريمات المقاومة للتجاعيد تزرع عند المرأة هاجس الخوف من التقدم في السن وفقدان الجاذبية بسبب ذلك، فنجد التوصية باستخدام هذه الكريمات منذ سن 25 سنة، وقد تقدمت وسائل مكافحة السمنة والشيخوخة كثيرا بعد القرن العشرين.




الألفية: صناعة المحتوى وديمقراطية الإعلام:

إن كان القرن العشرون نشر ثقافة الصورة وأشاع الجمال الديمقراطي بين نساء العالم كافة، إلا أن التحكم بالإعلام الجمالي نفسه كان مقصورا على النخبة، لكن الألفية نشرت الانترنت، ثم مواقع التواصل الاجتماعي وأتاحت لكل امرأة فرصة استعراض جمالها، فظهرت في البداية المدونات الجمالية واشتهرت ظاهرة الـ Fashion Bloggers أو الفتيات المدونات المهتمات بالموضة والأناقة وهن من عامة الناس، لسن نجمات سينما ولا تلفزيون، كن يكتبن تدوينات جمالية أو يصورن Vlogs على اليوتيوب يستعرضن إطلالاتهن ومكياجهن واختياراتهن من المنتجات، ثم ظهرت مواقع مشهورة مثل Lookbook تستعرض فيها البنات المهتمات بالموضة إطلالاتهن اليومية، واعترفت مجلات الأزياء بسلطة الإعلام الجديد فأصبحت تخصص صفحات خاصة بإطلالات الـ  Street Style أو إطلالات الشارع، ثم صعدت ظاهرة الفاشينيستا مع انستغرام وسناب شات، وهذا لايلغي تأثير نجمات الأفلام والمسلسلات بل يعززها، ومن الملاحظ مع تقدم السنوات دخول النجمات غير الغربيات كالتركيات والكوريات على خط التأثير، ولكنهن واقعات تحت تأثير الجمال المعولم ذاته.

إذا أردنا دمج تأثير القرن العشرين مع الألفية فسنرى تصاعد ظاهرة التجميل بالتغيير الحقيقي بدلا من التجمل المؤقت، فمن استخدام المشد الضاغط لساعات تتظاهر فيها المرأة بنحافة مزيفة، إلى الاتجاه للحمية والرياضة أو الجراحة من أجل رشاقة حقيقية، ومن تجميل الوجه بمكياج مؤقت يختفي أثره عند غسله، إلى الإبر التجميلية التي تغير الملامح بشكل دائم، ومن تبييض الأسنان المؤقت بمعجون أسنان أو جلسات في العيادة، إلى عدسات الأسنان الصناعية، ومن معاودة إزالة الشعر بالطرق التقليدية مرة بعد مرة، إلى التخلص منه بجلسات الليزر، ومن محاولة الظهور بمظهرٍ شابٍّ باستخدام حِيَل الماكياج إلى إبر البوتكس التي تعطل التجاعيد فعليا، وهكذا، وهذا الأمر أسهم في تغيير الثقافة الجمالية في العالم أجمع، وفي تأسيس صناعة جمال تجعل العيادة والنادي مصنع الجمال بدلا من اقتصارها على صالون التجميل ومحلات الملابس ومستحضرات التجميل كما كان الأمر سابقا، وهذا يعني أن تكلفة الجمال ستقفز قفزات هائلة ماديا، وينبغي أن أنبه هنا إلى أن الممارسات الجمالية وتأثير الصورة والمظهر بدأت تغزو عالم الرجال أكثر فأكثر مع تقدم السنوات.




أبعاد الجمال المعولم:

حاولت في هذه الجزئية تحديد أبعاد الجمال المعولم، فوجدت أنه لا يقتصر على الأبعاد الجسدية، بل يمتد للمظهر وأسباب هذا المظهر، وقد حددتها في أربعة أبعاد، أما معايير الجمال المعولم فهي داخلة ضمن الأبعاد -خاصة الجسدية- وإليك تفصيلها:

1. الجسد المثالي:

فرض الجمال المعولم صورة محددة للجسد الجميل، فهو جسد فارع الطول، بارز الرشاقة، نسبة الدهون فيه محددة ولا يحبذ أن تزيد عن 23% من وزن الجسد، وهذا الجسد ينبغي ألا يكون نحيلا في جميع أجزائه، فالصدر والمؤخرة ينبغي أن يكونا بحجم أكبر، وإن لم يمكن الحصول على ذلك طبيعيا فيمكن تزييفه بالجراحة أو بنوعية الملابس الداخلية المحتوية على خاصية Push Up ، أما بالنسبة لبشرة هذا الجسد فينبغي أن تكون صافية كالمرمر: لاسيليولايت، ولاخطوط بيضاء أو حمراء، ولا دوالي، ولا تباين في اللون بين أعضاء الجسد المختلفة، ولا ترهل، ولا حتى نقط (جلد الإوزة) التي تظهر في منابت شعر الذراعين أحيانا، لون هذا الجسد غير مهم، فكل الألوان مقبولة ومعترف بها من باب التعددية شرط أن يبدو كل لون صافيا لامعا مثاليا.

2. الوجه المحدد الملامح:

الوجه في الجمال المعولم ذو بشرة صافية نضرة، لا أثر فيه للهالات السوداء، ولا الخطوط التعبيرية، ولا الترهل، الحواجب فيه مرتفعة، والأنف صغير ودقيق، والشفتان مكتنزتان، والوجنتان بارزتان، أما الفك والذقن فمحددين بوضوح بحيث يظهر الوجه مربعا، ويستحب أن يزين بغمازة، وكل هذه المواصفات يمكن الوصول إليها بإبر بسيطة عند طبيب التجميل لايستغرق الحصول عليها عدة دقائق، مما جعل ملامح النساء تتجه لأن تكون نسخا متطابقة من بعضها البعض، تماما كمنتجات تخرج من ذات المصنع، لافرق بينها إلا في الرقم التسلسلي، البوتكس جمّد ملامح الوجه وقيّد تعابيره، والفيلر نفخ الوجه، وضاعف حجم الملامح العادية، وكل هذه الإجراءات مؤقتة وباهظة الثمن، ناقشت مرة هذا الأمر مع مجموعة من البنات فقالت لي إحداهن: ” لم أعد أفرق بين فاشنيستا وأخرى إلا بالاسم، فملامحهن أصبحت واحدة”.

3. المظهر المترف:

لايمكن أن تكتمل إطلالة الجمال الأنثوي المعولم دون مظهر مُترَف يشي بثراء صاحبته، فالثراء في عالمنا المعاصر أصبح مرادفا للفضيلة والاستحقاق، والفقر غدا رمزا للعجز والكسل كما يقول آلان دوبوتان، والماركات العالمية هي رمز الثراء والقدرة، لذلك قد تتزين المرأة بقطعة عادية لكن ميزتها الجوهرية هي انتماؤها لدار أزياء عريقة، وتعبيرها عن الترف، والملاحظ في هذا البعد أن البحث عن الماركات لأجل اسمها لاجودتها فحسب، فلو خيرت فتاة بين حقيبتين من بيربري مثلا، إحداهما يتضح فيها شعار الدار، والأخرى لا يتبين لاختارت الأولى، ولو عرضت عليها حقيبة أخرى عالية الجودة والجمال لكن ماركتها غير معروفة في الوسط المحيط بها لرفضتها وقالت: لماذا أدفع مبلغا كبيرا مادام الناس لن يدركوا أنها “ماركة”؟! ولهذا السبب تروج صناعة تقليد الماركات، وتشبّع الإنسان بما لم يُعطَ، لأن قدرا كبيرا من القبول الاجتماعي مرتهن بشعار الماركة الذي ترفعه إعلانا عن قدرك وقيمتك!

4. الاستقلال الاقتصادي:

أثرت حركات استقلال المرأة والمطالبة بالمساواة، على النظر للدور الاقتصادي للمرأة، فهي كائن ينبغي أن يكون منتجا اقتصاديا، ومن غير المقبول أن تبقى في المنزل لتمارس أدوار الزوجية والأمومة المعتادة، بل لابد أن تكون قادرة على الكسب بنفسها، مهما كانت القدرة المادية لأسرتها، ومن الملاحظ أن عالم الجميلات نفسه تأثر بالأمر، فعلى حد وصف المفكر الفرنسي جيل ليبوفستكي في تحليله لتاريخ الترف، لم يعد التجمل بالماركات الثمينة رمزا للمرأة الأرستقراطية التي تنعم بثراء والدها وزوجها، بل أصبح رمزا للاعتماد على الذات في الكسب، حيث الجمال المعزز بالقوة.

و لا يمكن الحديث عن الجمال المعولم، بمعزل عن الرأسمالية والاقتصاد والإنتاج وسوق العرض والطلب، إن صناعة الجمال اليوم تديرها امبراطوريات اقتصادية تعمل في مجال الأزياء والعطور وأدوات التجميل وجراحات التجميل وشركات أغذية الحمية، وتتفرع فروعا لا يمكن إحصاؤها، ويهمها تغير الموضات وربط الجمال باليُسر المادي والقدرة على الشراء.




آثار الجمال المعولم:

  1. الآثار النفسية والاجتماعية:

تدني صورة الذات:

حينما يُطرح النموذج المثالي على النساء وكأنه هو الوضع الطبيعي لأي امرأة، فإنها ترى نفسها في الواقع أقل منه، فجسمها ليس مثاليا، قد تشعرها بضع كيلوات زائدة بأنها تعاني سمنة مفرطة، وقد تحول نحافتها بينها وبين امتلاك التقاسيم الأنثوية التي تراها في الصور، وقد تشكل الخطوط البيضاء التي يخلفها الحمل -والتي لايوجد لها علاج نهائي إلى اليوم- كابوسا في نظرها، وقد يؤرق مضجعها السيليولايت الذي جاهدت في مكافحته دون جدوى، أو الهالات السمراء التي استنفدت كل الحلول دون أن تتمكن من التخلص منها.

إن تدني صورة الذات Self Image  يكاد يكون أشد الأضرار النفسية الناجمة عن عولمة نموذج مثالي للجمال، يصعب الوصول إليه دون إنفاق أموال طائلة، وأوقات عظيمة في العناية المبالغ فيها، فضلا عن تقنيات تعديل الصور وخدع التصوير نفسها، مما يجعل النساء يزدرين نعمة الله عليهن، ويرين أنفسهن أقل بكثير مما هن عليه في الحقيقة، لأن سقف المعايير ارتفع جدا وأصبح أقسى يوما بعد يوم، ولهذا أثر في إضعاف ثقة المرأة بنفسها، وخجلها عند التعامل مع الآخرين، أو حضور المناسبات الاجتماعية، أو الزواج والارتباط بشريك الحياة.

على منصة TED وقفت خبيرة التجميل الإيطالية Eva DeVirgilis في حديث بعنوان In my Chair (هنا) لتقول إن معظم زبوناتها اعتذرن عن عيوب في وجوههن فور جلوسهن على كرسي التجميل أمامها، بغض النظر عن مستوى جمالهن الحقيقي، أو مكانتهن الاجتماعية، أو مستواهن الاقتصادي والتعليمي، بل إن بعضهن متحدثات على منصة TED نفسها! فهن يبادرن بكلمات مثل: عيناي صغيرتان، أنفي كبير..الخ، وأن قلة قليلة من النساء فقط هي التي تأتي لتحظى بتجربة ماكياج مميزة دون أن تجد نفسها مضطرة للاعتذار عن ملامحها، وأن هذه الفئة الأخيرة وإن كانت متفاوتة في جمالها الفطري، ومستواها الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، إلا أن صفة واحدة تجمع  النسوة فيها: قوة الشخصية!

الأمراض النفسية المرتبطة بالأكل والمظهر:

يعد مرض فقدان الشهية العصبي Anorexia أحد أهم الأمراض النفسجسمية التي ظهرت في الغرب بسبب صناعة التجميل، فالمصابة بهذا المرض لديها خوف زائد من اكتساب الوزن، وترى نفسها أسمن من الواقع بكثير، مما يؤدي بها إلى الرفض التام للطعام، ومن ثم الدخول في مجاعة حقيقية قد تنتهي بالموت، وهو مرض ليس ظاهرا لدينا، لكن خطر الإصابة به مرتبط بهوس النحافة، ومن أشهر من عانين منه الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي، وكذلك مرض البوليميا Bulimia وهو مرض معاكس تماما للأول، وإن اتفق السبب، فالبوليميا شره عصبي للأكل، ينتج من اضطراب هرمونات الجوع والشبع نتيجة اتباع أنظمة حمية قاسية، يتبعها إفراط في الأكل، ومن ثم رغبة في التقيؤ من أجل اجتناب زيادة الوزن، ومن أشهر من أصبن بهذا المرض: الأميرة ديانا والممثلة الأمريكية جين فوندا.

تدني مستوى الاهتمامات والطموحات:

 أصبح المظهر على رأس أولويات المرأة، فقدواتها أيقونات جمالية، وأهدافها جمالية، ورغبتها في المال تتزايد من أجل الوفاء بمتطلبات الجمال والمظهر المترف، مما يجعل الأهداف الأخرى في الحياة تنكمش وتتراجع، ومن الطبيعي أن تجد فتاة تكتب أنها حزينة لأن ظفرها انكسر مثلا، و تكمن المشكلة هنا في أن طاقة الإنسان في هذه الحياة محدودة، فإن بالغ في صرفها لأمر واحد، أهمل بقية أمور حياته، وقد عير أحد السلف عن هذا بقوله: “مارأيتُ سرفًا قط، إلا ومعه حقٌّ مضيَّع”!

تهديد المظهر للمكانة الاجتماعية:

تعد الحاجة للتقدير والمحبة والقبول الاجتماعي أحد أهم الحاجات النفسية للإنسان، فإذا كان المظهر المثالي شرطًا في القبول والمكانة، راج سوقه بين أفراد المجتمع، لا لذاته، وإنما للحاجة العميقة في نفس الإنسان للتقدير والقبول والحب، ويظهر ذلك في الخوف المبالغ فيه من التقدم في العمر خشية فقدان النضارة والجمال، فالمرأة في المجتمعات المترابطة تكتسب مكانة أكبر عندما يتقدم بها السن، أما في المجتمعات المعولمة  فالمظهر والقدرة على الكسب هما أساس المكانة، وبذلك تغدو خطوط التجاعيد ومظاهر التقدم في السن كابوسا يقوّض النظرة للذات والمكانة الاجتماعية.

و يرتبط بذلك أيضا، شيوع ثقافة الاستعراض المظهري المتكلف بين أفراد المجتمع، وفي مختلف المناسبات الاجتماعية، وتقييم الذات والآخرين بناء على المظهر والماديات، مما يضعف العلاقات الإنسانية الحقيقية وينشيء بدلا منها علاقات هشة وسطحية وتنافسية تفتقر للرحمة والأخلاق، وينتج عن هذا أيضا المشكلات الأسرية بين الفتاة وأهلها أو المرأة وزوجها، نتيجة المتطلبات الاقتصادية للمظهر الجمالي المعولم، والتي قد لايستطيعها الأب أو الزوج، فالنتيجة مشكلات أسرية واتهام بالتقصير، أو بحث عن مصدر كسب مالي بأي ثمن.

ازدراء الأدوار الفطرية للمرأة:

عولمة الجمال تؤدي لازدراء الدور الطبيعي للمرأة كمنجبة ومربية للأجيال، فجسدها سيتأثر بالولادة والرضاعة، وهي تريد الحفاظ عليه مثاليا، والانشغال بالأولاد وتربيتهم قد يأخذ من الوقت الذي تريد تخصيصه للعناية بنفسها، أو للكسب من أجل إرضاء الطموح الجمالي المثالي لديها، ولذلك نرى في العالم الغربي من تحجم عن الحمل والولادة والإرضاع لأسباب جمالية صرفة، فالمظهر أهم من الغريزة الفطرية في الإنجاب، وهذا الأمر يتسلل شيئا فشيئا للمجتمعات المعولمة.

قلة الرضى عن شريك الحياة:

أختم الأضرار الاجتماعية للجمال المعولم بتأثيرها على نظرة الرجل للمرأة عند اختيار الزوجة، وبعد الزواج، فالرجل المتأثر بماتعرضه وسائل الإعلام، والذي لايمتثل الأمر الرباني بغضّ البصر، سيرتفع سقف شرهه الجمالي إلى مدى أبعد من واقعه، فيحتقر مظهر امرأته، وقد يجهر بعدم رضاه عن شكلها ومطالبتها بأن تكون مثل النموذج الذي يحلم به صاحب السعادة هذا، وقد تفعل المرأة الشيء ذاته لنفس السبب، ومن شأن هذا الأمر تقويض السعادة الأسرية لحد كبير، ويرجع المسيري في حديثه عن الفردوس الأرضي في الولايات المتحدة هذا الأمر لأسباب اقتصادية بحتة فيقول:

“تساهم الشركات المنتجة لأدوات التجميل في تصعيد توقعات الذكور من الإناث، فتضطر الإناث للاستهلاك”

2. الآثار الصحية:

إن ترويج الجمال المعولم للنحافة الزائدة، يزيد معدلات الإصابة بمرض فقدان الشهية العصبي أو مرض الشره العصبي كما أسلفت في الأضرار النفسية، وأضيف لذلك الأضرار الصحية الناجمة عن اتباع حميات غذائية غير مدروسة، وغير متوازنة غذائيا، مما يؤدي لنقص بعض الفيتامينات والمعادن الهامة من الجسم، وبالتالي تساقط الشعر أو شحوب البشرة أو اضطرابات الدورة الشهرية نتيجة اضطراب الهرمونات.

هناك أيضا ضرر صحي شائع ناتج عن تكرار اتباع حميات غذائية غير متوازنة وتعتمد على الحرمان، وهو مايعرف بظاهرة تأثير  اليويو   Yoyo Effect  وهي ظاهرة يتم فيها فقدان الوزن بسرعة ومن ثم إعادة اكتسابه بسرعة، لأن الحرمان يؤدي للشره في الأكل والتعويض العاطفي، ومن ثم يعود الشخص للحمية من جديد، وهكذا يدخل الجسم في دورات متكررة من السمنة والنحافة، والحرمان والشره، مما يزيد الطين بلة.

الاهتمام المبالغ فيه في ملاحقة تقنيات التجميل أدى في كثير من الأحيان إلى التساهل في الإقدام على إجراءات تجميلية ذات مخاطر عالية، والتهاون بنوعية المواد في الإبر التجميلية أو خبرة الشخص الذي ينفذ الإجراء، ومدى حاجة الشخص له وانتفاعه به وآثاره عليه.

3. الآثار الاقتصادية:

تقوم فكرة الجمال المعولم على بذل الجهد والمال والوقت من أجل الوصول للجمال المعياري أو بعضه، والمحافظة عليه، وهذا يستنزف الموارد المالية، فمستحضرات التجميل، والماركات المترفة من ملابس وحقائب وأحذية، ومنتجات الحفاظ على الوزن، وأسعار اشتراك النوادي الرياضية، وكريمات العناية بالبشرة، وإجراءات التجميل من فيلر وبوتكس وتقشير وإبر نضارة وجلسات نحت جسم وغيرها، كلها تتطلب قدرة مادية كبيرة، مما يؤدي لاستنزاف ميزانية الفرد والأسرة، وكل هذه المصروفات متجددة، فموضة الملابس تتغير، ومستحضرات التجميل تنتهي صلاحيتها قبل أن تنفد من علبتها، وإجراءات التجميل في العيادات ذات نتائج مؤقتة، إذ لابد من تجديدها كل ستة أشهر، وهكذا، وصناعة التجميل اليوم تبلغ وارداتها أرقاما فلكية لايتصورها المستهلك العادي، ولكنه يلمس أثرها في عبارة: المال يصنع الجمال!




مزايا الجمال المعولم:

بعد عرض أضرار الجمال المعولم، لابد من عرض مزاياه، ليس من باب الحياد المصطنع، ولكن من باب الإنصاف، وتلمّس الحكمة والنفع، ففي نظري أن أبرز ميزتين في هذا الجمال هما:

1.تعزيز الاهتمام بالصحة:

من مزايا الجمال المعولم، أنه روّج للصحة كوسيلة للجمال، فالمظهر يعكس أسلوب الحياة Lifestyle ، فالنوم الجيد، والغذاء الصحي المتكامل، والرياضة المنتظمة، وشرب الماء باستمرار، كلها تنعكس على الجسد في نضارته ورشاقته، وعلى الشعر في صحته ولمعانه وكثافته، وعلى البشرة في صفائها وبريقها، وعلى الحالة النفسية للإنسان أيضا، فالنمط الصحي للحياة يخفف التوتر، وبالتالي ينعكس على المظهر أيضا، لذلك، نرى اليوم كثيرا من الناس يتبنى النمط الصحي للحياة من باب حب الجمال والمظهر الجيد، أكثر من كونه اهتماما حقيقيا بالصحة ووقاية من الأمراض، وهذا أمر لا بأس به.

2. توسيع فرص الجمال:

لم يعد الجمال اليوم ذلك الجمال الفطري الذي إما أن تولد به المرأة أو لا، فالجمال أصبح صناعة واهتماما أكثر من كونه جمالا في خِلقته الأصلية، فأساليب العناية بالجسد قد انتشرت ولم تعد حكرا على فئة معينة، كل فتاة بإمكانها التعلم والاستفادة من محتوى الانترنت في العناية بنفسها، هذا الأمر يجعل فرص الجمال شبه متساوية أمام البنات، فالمسألة تغدو مسألة جهد ذاتي وبذل أسباب أكثر من كونها أمرا قَدَريّا محضًا لايد للإنسان فيه، فالجمال الفطري الباهر فرصة نادرة في الحقيقة، لكن الجمال المكتسب يمكن الحصول عليه بجهد قلّ أو كثُر، وهذه فكرة ليست جديدة تماما، فجداتنا كان لديهن مثل يقول “شينٍ مجمّل، ولازينٍ مهمّل” أي أن الجمال المتواضع مع الاهتمام أفضل من الجمال الفائق مع الإهمال، ولكن مسألة الاهتمام هذه بلغت إمكانياتها اليوم آفاقا هائلة لم تتخيلها الجدات اللواتي كان أقصى تجملهن حناء وكحل وعطر !

وهاتان الميزتان، أجدهما نعمة على بنات آدم، ومدخلا للتعامل الذكي مع الجمال المعولم بالاستفادة من خيره واتقاء شره، ولكن بعد إعادة ضبط البوصلة.




إعادة ضبط بوصلة الجمال:

أول أمر يجب تأسيس الوعي الجمالي عليه، هو أن الإسلام منظومة ذات مرجعية ربانية، والثقافة الغربية منظومة ذات مرجعية مادية، وهذا الفرق يجب أن يبقى واضحا جليا عند أي اقتباس أو تفاعل بين الحضارتين، ولايكون التشرب الغبي للثقافة الغربية إلا من الانهماك في المشتركات، ونسيان الاختلافات الجذرية.

والنظرة للجمال -في أي حضارة- تنطلق من الأصول الثقافية لهذه الحضارة، ففي العصور الوسطى أهملت المرأة الغربية جمالها وتركت التزين لأن المسيحية الرهبانية آنذاك علمتها أن التزين خطيئة، أما حين تقدمت الحضارة المادية فقد بالغت المرأة في العناية بالجسد لكون قيمة الإنسان في الحضارة المادية تتجسد في كل ما يمكن رؤيته أو لمسه أو شمه أو سماعه، أي إدراكه ماديا بالحواس، أما ماوراء المادة فلا قيمة له، ومن هنا نفهم منطقية المبالغة في تقديس أو تسليع الجسد في الحضارة الغربية.

الأمر غير المنطقي أن تستورد المرأة المسلمة نفس المنطق الجمالي دون أن تسأل: ما الأساس العقدي أو الثقافي الذي سأؤسس عليه مفهومي للجمال؟ هل يمكن أن تكون نظرتي ومعاييري وطقوسي مطابقة لأخرى تؤمن بأننا نعيش للدنيا فحسب؟

يولي الإسلامُ الجمالَ عناية مميزة، لكن الإسلام بطبيعته عصيٌّ على الاختزال في مفهوم قاصر، فهو ليس دينا يهتم بالروح ويهمل الجسد، كما أنه ليس دينا يقدم الجسد على الروح، ولذلك نجد الروح فيه تحتل المقام الأول، ففي سورة الحجرات يتحدد معيار التفاضل وأنه (التقوى) أمرٌ باطني لا علاقة له بالمظهر:  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) 

والنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا في الحديث الشريف أن مظاهرنا لاتعني شيئا، فيقول: إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم

لكن هل هذه الصرامة في تحديد معيار التفاضل الذي ينبغي أن ينصرف له جهد المسلم ووقته وطاقته، تعني تجاهل فطرة حب التجمل عند البشر؟ لا، فليس هناك مجال لأن يأتي شخص ويدخل في الإسلام مظاهر الرهبنة، فالله تعالى يقول في سورة الأعراف:  يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32).

  و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّة من كبر! فقال رجل: إنَّ الرَّجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة؟ قال: إنَّ اللَه جميل يحبُّ الجمال، الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس، لنتخيل الموقف معا: قبل أكثر من 1400 سنة، يعبر الصحابي الجليل للنبي صلى الله عليه وسلم عن حبه للتجمل، وهو رجل ومعروف أن ميل الرجال للتزين أقل من النساء، أضف لذلك أنهم كانوا في بيئة صحراوية أقرب للتقشف والفقر، ومع ذلك يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنا، ويخشى على نفسه من الكبر بسبب هذا، ثم يطمئنه النبي صلى الله عليه وسلم أن حب التجمل لاعلاقة له بالكبر، بل يزيده طمأنينة بأن الله جميل يحب الجمال! أي طمأنينة تسري في النفس عند تذكر هذه المعاني؟ أي دين يقودك للآخرة ويبيح لك أن تتنعم في طريقك لها بما يوافق فطرتك ويشبع ذوقك؟ ثم لنتأمل الآية قبلها، لنجد الحث على التزين وإنكار من حرمها على الخلق، والتذكير بأنها نعمة للعباد في الدنيا، وأن المؤمن وإن تنعم بها في الدنيا مثل الكافر، فإنها خالصة له يوم القيامة.

ولذلك أستغرب ممن يربط بين التدين وإهمال المظهر، أو بين الجدية وإهمال الزينة، وطوال عملي معلمة للمرحلتين المتوسطة والثانوية، لم أنهَ أي طالبة عن اتخاذ الزينة في المدرسة، وأقول للمعلمات اتركوهن يمارسن فطرتهن في التزين فليس لدينا رهبانية، والمدرسة كلها نساء، وهذه ميزة فريدة لدينا ولله الحمد، حُرمت منها كثير من البنات في مدارس وجامعات العالم الإسلامي بسبب الاختلاط، فيضطررن للتحجب وترك الزينة طوال الوقت، و على مر العصور كان إهمال الزينة والتجمل أحد مظاهر الحزن والحداد وأعراض الاكتئاب، فلماذا نجعله الأصل؟

لكن لنتذكر أن الآية قيّدت الأمر بـ: “ولاتسرفوا”، وأن الصحابي في الحديث كان يخشى على أمر أهم من التجمل، وهو “القلب” الذي هو موضع نظر الرب، فلم يكن التجمل أكبر همه، ولا مبلغ علمه، وإن كان يحبه!

لذلك لابد من إعادة ضبط بوصلة الجمال، بما يلي:

1. النية الصالحة:

 النية الصالحة في الاهتمام بالجسد، فهو مطية الروح، والمسلم يهتم بصحته لهدف أرقى من مجرد المظهر، فهو يعبد ربه بهذا الجسد، والحفاظ عليه صحيحا يساعده في خدمة نفسه وأهله، وفي الصلاة والصيام والعمرة والحج وسائر العبادات، وأنا أشعر بالحسرة حين أرى كبار السن في أوروبا يهتمون بأجسادهم لعمر متقدم بالرياضة والغذاء الصحي ويركضون كالشباب، ثم أجد عددا كبيرا من المسلمين لا يصلي إلا على كرسي، ويعاني أمراضا كثيرة سبب معظمها قلة الحركة ورداءة النظام الغذائي، والمسلم يستشعر نعمة الله عليه عندما يهتم بجسده ونظافته وزينته، وجودة حياة أي مجتمع مرتبطة لحد كبير بالطب الوقائي الذي يعتني بالجسد وصحته قبل حاجته للطب العلاجي.

2. ترتيب الأولويات:

ترتيب أولويات الحياة بحسب ميزان الشرع، فالتقوى والعمل الصالح أولا، والمظهر تاليا، وترتيب الأولويات يمنع الإسراف ويساعد عند اتخاذ أي قرار جمالي، فإذا كانت التقوى مقدمة على المظهر، فلن تقع المرأة في محظور شرعي أو شبهة، ولا محظور طبي أيضا، ولن تقع في الإسراف المذموم بإضاعة الوقت والمال في الاهتمام الزائد بالجمال، وبملاحقة كل منتج جمالي تغريها دعايته لأنها تعلم أن أحد الأسئلة الكبرى يوم القيامة سيكون عن عمرها فيم أمضته؟ وعن مالها مم اكتسبته وفيم أنفقته؟ وتعلم أن لباسها ومظهرها جزء من عملها الذي ينبغي أن تراقب الله فيه قبل مراعاة الخلق.

وترتيب الأولويات يرتب العلاقة مع الناس، فلا يمكن لمسلم قد رتب أولوياته وفق كتاب الله وسنته، أن يحتقر إنسانا لمظهره، أو أن يُعظّم آخر لذات السبب، فالتقدير الاجتماعي يخضع للمعايير المعنوية من قرابة وأخوة وخُلُق وصلاح، أكثر مما يخضع لمعايير مادية قاسية، وهذا التعقل في التعامل صمام أمان للمجتمع ضد الانزلاق في النزعة الاستهلاكية والاستعراض المظهري، لأن جل هذه النزعة نابع من حاجة نفسية عميقة: الحاجة للتقدير والاحترام والقبول!

في كل مرة يرتفع فيها قدرُ إنسان عندك، وتعامله معاملة مختلفة، فقط لأن مظهره أعجبك، ويوحي بتميزه وثرائه، ثم تحتقر آخر لافتقاره لهذه المعايير فحسب، فأنت تعمّق مشكلة الاستعراض وتعززها وتسهم في إفساد القيم، فكل إنسان يتعطش للتقدير والقبول والاحترام، وويل لمجتمع يوجب على أفراده شراء ذلك بالمال !

وإن من ترتيب الأولويات معرفة قدر الدنيا وقدر الآخرة، فنحن وإن كنا في الدنيا نهتم بأجسادنا، ونعتني بها، إلا أن هذه الدنيا ليست سقف آمالنا، ففي الجنة جمال لاتشوبه شائبة، وخلود لا يعقبه هرم، والتوق للجمال والشباب والخلود أمر فطري، إلا أن تحققه التام في الجنة، لا في الدنيا، وحري بالمؤمن أن لايبالغ في اللهاث وراء السراب الدنيوي وأن يقتنع بالمعقول.

3- صيانة الجمال من الابتذال أو التسليع:

 المسلم يكرم جسده، ولا يجعل التمتع بالنظر لهذا الجسد حقا مشاعا لكل من هب ودب، فهناك حدود للعورات، وهناك حجاب فرضه الله على النساء، وأمرٌ بالستر، وهذا كله يصون نعمة الجمال من الابتذال، أما تسليع الجسد فهو التكسب به (التكسب بجماله، لا بكدّه وجهده)، وهو خُلُقٌ لايرضاه إلا وضيع، وأشد صور التكسب بالجسد أن تعمل المرأة في الدعارة، ولكن هناك طيفا واسعا من صور تسليع الجسد ليس بالضرورة أن تصل للدعارة، فعارضات الأزياء و (المودلز) اللواتي يُستخدَمن في جلسات المكياج كلهن يتعرضن لتسليع الجسد، فهذه الممارسات تتفق في كسب المال بسبب جمال الجسد، ومهما تفاوتت التنازلات، فإن التكسب بجمال الجسد أمر حقير ومهين،  والعرب من قبل الإسلام كانت لهم شيم تمنعهم من تسليع أجساد النساء مهما بلغت بهن الفاقة، فمن أقوالهم: “تجوع الحرة، ولا تأكل بثدييها”، وهذا مثل يظل يتردد في ذهني كلما رأيت فاشينستا مسلمة تكسب المال بسبب جمال جسدها وظهورها في الإعلانات، أو إذا رأيت أُمًّا تتاجر بصور جسد طفلتها الجميل وتكسب من ورائه أموالا، للجسد حُرمة، وتسليعه وابتذاله إهانة له ولصاحبه، اكسب من تعب جسدك، لا من جماله!

4. التركيز على البنية التحتية للجمال:

البناء الحقيقي لأي مدينة، يكمن في بنيتها التحتية، لا في أعلام الزينة التي تعلق على شوارعها، والجمال الحقيقي للمظهر كذلك، الاهتمام بالغذاء الصحي، وشرب كميات كافية من الماء، والنوم الجيد والرياضة، علاج أي مشكلة جلدية عند طبيب متخصص، الاهتمام بصحة الأسنان ونظافتها، الاهتمام بمظهر الأظافر الصحي وتقليمها وبردها، ترطيب الجلد باستمرار، الاهتمام بصحة الشعر ولونه ومظهره، أناقة الملابس وملاءمتها للجسد، استخدام المكياج الناعم باحتراف، الهندام والترتيب والنظافة الدائمة والرائحة الطيبة، المشية السليمة والابتسامة، هذه هي البنية الأساسية لجمال المظهر، التي تجعل أي امرأة مرتبة وأنيقة، مهما كانت ملامحها، ومهما كان مستواها المادي، تستطيع كل امرأة الحفاظ عليها، ولن تحتاج معها للوقوع في الشبهات أو الإسراف وإرهاق النفس، و الواقع أن كثيرا من النساء تهمل هذه الأساسيات المجانية لأنها تحتاج صبرا وعناية واستدامة للجهد وإن قلّ، وتظن أن ماينقصها هو إبرة فيلر أو جلسات إبر نضارة أو حقيبة بآلاف الريالات أو طقم ألماس أو كريمات باهظة، وتكتسب السلوك الاستهلاكي الشره دون أن تصل لنتيجة، وهذا خلل في التفكير يشبه من يكون لديه منزل خرب، ويهمل صيانته وتنظيفه ويصر على تزيينه بلوحة ثمينة أو قطعة أثاث نادرة!

في نهاية هذا المقال الذي أشكر للقارئ صبره ووصوله لسطوره الأخيرة، أود القول بأن الذائقة البشرية السليمة لا تنظر للجمال منفصلا عن شخصية الإنسان، فالدمية لها شكل مثالي لكنها تظل دمية جوفاء، فارغة من الداخل، وجمال المظهر يعزز الجوهر القيّم، ويبرزه، لكنه لايقوم لوحده ولا يصمد، ولذلك مهما بلغ اهتمامك بمظهرك، احذري أن تجعليه الشيء الوحيد الذي يعرفك به الناس، وصدقت غادة السمّان حين قالت: ” الكحل ليس مرادفا للتفاهة، التفاهة ألا يكون في عين المرأة إلا الكحل”.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ختام:

أصل هذا المقال لقاء تربوي فكري عن الجمال وعولمته قدمته يوم الأربعاء الموافق 7-11-1440 هـ في جمعية أسرة ضمن برنامج صيف رواء السادس، والذي كان (الجمال) موضوعا رئيسيا له.

 المراجع التي أشرت إليها في المقال:

1- تاريخ الجمال: الجسد وفن التزيين من عصر النهضة الأوروبية إلى أيامنا، جورج فيغاريلو، ترجمة: د. جمال شحيد. الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية.

2- الفردوس الأرضي: دراسات وانطباعات عن الحضارة الأمريكية الحديثة، عبد الوهاب المسيري، الناشر: المنظمة العربية للدراسات والنشر.

3- المرأة الثالثة: ديمومة الأنثوي وثورته، ترجمة: دينا مندور، الناشر: المركز القومي للترجمة.

4- الترف الخالد: من عصر المقدس إلى زمن الماركات، جيل ليبوفستكي وإلييت رو، ترجمة: الشيماء مجدي. الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.

5- قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضى أو المهانة، آلان دوبوتان، ترجمة: محمد عبد النبي. الناشر: دار التنوير.

6- Face Paint: The Story of Makeup. By: Lisa Eldridge. Publisher: Abrams

7-  TEDEX RVA Women In  my chair: a makeup artists prospective on beauty

نُشرت بواسطة

ليلى العصيلي

معلمة لغة انجليزية، طالبة دكتوراه في أصول التربية، قارئة وأهوى الكتابة، أقترف شيئا من الترجمة، أطمح أن أسهم في تغيير المشهد التربوي والتعليمي للأفضل

33 رأي حول “عولمة الجمال”

    1. حياك الله، تحدثت عن هذا في ابتذال الجسد وتسليعه وفي التقوى، والهدف من المقال التبصير بالأسس التاريخية والفكرية للجمال المعولم، وهذا بحد ذاته يوجد عند المرأة استقلالا فكريا يدفعها لمراجعة نظرتها واستخدامها لجمالها، وبالتالي لاتكون امّعة منساقة للموضة أو هوى النفس

      Liked by 1 person

  1. الجمال طبيعة جُبلت عليه النفس البشرية
    ومِن هنا استغل العالم المادي هذه الفطرة البشرية وحاول تضليل الناس والتلاعب بهم من خلالها
    قل مثل هذا في لعِبهم في غريزة حب المال والتملك، وشتى الغرائز التي في النفس البشرية.
    ليست المشكلة فيما جبلت عليه النفس
    لكن الجهاد كل الجهاد أن يضبط المرء المسلم نفسه بضابط الشرع، فلا غلو ولا تفريط ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط )
    دمت موفقة.

    إعجاب

  2. تبارك الرحمن،
    سبحان من يلهمك فتكتبين ماجال بالخاطر ومافطر القلب💔❤️
    بارك الله فيك حيث كنتِ🌹
    حبذا لو أعدتِ اللقاء التربوي مرات وكرات في أماكن مختلفة ببريدة علّه يكون نافعًا مقنعًا للكثير.. فالذين من حولنا لايقرأون يأستاذة ليلي فعجزنا كل العجز أن نوصل لهم ماكتبتِ..

    إعجاب

  3. وفقك الله
    تعليقًا على من قالت إن الناس لا يقرؤون
    هل بإمكان أحد القاء ما كتبتيه هنا
    مع حفظ حقوق الملكية الفكرية؟

    إعجاب

    1. أهلا بك، ليس لدي مانع من إلقائه بنفسي عند أي جهة ترغب في هذا، أنا علقت فقط على مشكلة العزوف عن القراءة 💔
      أما من يأخذ مادة المقال ليلقيها فلا أعتقد أنه سيعطي الموضوع حقه؛ لأن مصدره مقال يحمل فكر واطلاع غيره

      من يريد أن يلقي موضوعا لابد أن يتعمق فيه بنفسه ويمزجه بفكره هو، أما أخذ مادة جاهزة فسيجعل الطرح باهتا غير مؤثر، هذه وجهة نظري

      Liked by 2 people

      1. جميل المقال ،،بارك الله فيك استاذتي الفاضلة
        وسبحان الله ايضا قيام الليل يعزز نضارة البشرة ويعطي ملامح مريحة للمرأه
        واللباس المحتشم للصغيرة والكبيرة يعطي جمال وهيبة وحضور وعزة وكرامة وثقل ويبين تعقل الفتاه وادراكها
        تعبنا من كثرة الالوان والاصباغ الفاقعة التي اذهبت بلمعان الشعر
        الجمال الطبيعي اصبح نادر
        رغم انه لايحتاج للمال فقط اهتمام
        والجمال المشوه بالتجميل في كل مكان
        وجاء مقابل الكثير من المال
        والله انني احزن على من تعمل عمليات تجميل
        لان الوجه في الحقيقة بدون مكياج ولافلاتر راح يكون محتقن ومنتفخ بعض الشي
        غير ان العمليات هذه بعد سنوات تسبب السرطانات بسبب دخول اجسام غريبة للجسم والجسم يرفض ذلك
        سمية الشرفي كاتبة تهتم بالمجال الصحي والجمالي للمرأه وانوثتها
        لو احببت ان تطلعي على كتاباتها فهي تفيدك بالكثير من المعلومات لو احببت
        وجزاك الله خيرا

        Liked by 2 people

    2. مقال اكثر من رائع استاذتي الفاضله
      وتعليقا على ماذا استفدت من المقال
      بأن الجمال الفطري الداخلي اعمق واجمل
      واوفق الجميع الرأئ مقال اجمل من رائع
      بارك الله جهودك

      إعجاب

  4. هذا الجمال المعولم من إقبال الدنيا ( قال صلى الله عليه وسلم الفقر تخافون ؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا ، حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي ، وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ) حديث حسن صحيح الجامع

    Liked by 2 people

  5. والله فعلا مقالك في محله ، لكن المشكلة ليست في الصغار المشكلة استفحلت للكبار من النساء صرن ينتقدن فتيات خلق الله في كل مناسبه على قولة هذي جميلة وبيضا وهذي سمرا وهذي قصيرة وطويله ،الوضع تعدى الملابس وصار انتقاد على خلقة الله عزوجل والله المستعان

    Liked by 1 person

  6. جزاك الله خيرا مقال جميل ومكتمل من كل النواحي كنت اتمنى انك تتطرقين للزينه المحرمه مثل وصل الشعر والنمص وغيرها وهي اول مااحرم على النساء من قبل 1400 سنه واستهانت النساء المسلمات في هذا العصر الا من رحم الله ويكون بشق الانفس

    Liked by 1 person

  7. (في نهاية المقال أشكر للقارئ صبره و صوله لسطوره الأخيرة)
    على فكرة أنا قرأت المقال كاملاً مرتين وسأعود لأقرأه مستقبلاً إن شاء الله
    هذه الكلمات لا يمكن أن تقرأ مرةً واحده ثم تُنسى.

    Liked by 1 person

  8. السلام عليكم ” تحدثت عن هذا في ابتذال الجسد وتسليعه وفي التقوى، والهدف من المقال التبصير بالأسس التاريخية والفكرية للجمال المعولم، وهذا بحد ذاته يوجد عند المرأة استقلالا فكريا يدفعها لمراجعة نظرتها واستخدامها لجمالها، وبالتالي لاتكون امّعة منساقة للموضة أو هوى النفس

    Liked by 1 person

أضف تعليق